آي لف يو سو مج

 صفحة اخرى من صفحات كتابي (فيض الذكريات-يوميات طالب طب) والمتوفر حالياً في مول الحارثية ومول زيونة...


آي لف يو سو مج ..
( I Love You So Much)
    أول سفرة جامعية كانت بعد مرور شهرين على مباشرتنا. لا أذكر إلى أين ولكن كانت أماكن السفرات المفضلة آنذاك هي إلى (سدة الهندية) قرب مدينة الحلة أو (الصدور) في محافظة ديالى أو (آثار بابل) والبساتين المحيطة بها, كانت تلك السفرة مشتركة مع طلبة المرحلة الثانية الذين أسهموا معنا بالسفرة, طبعاً طمعاً في الاستمتاع بجمال بنات مرحلتنا, ولكن هيهات لهم ما يطمعون فيه, فنحن كنّا لهم بالمرصاد ( ولد عمهن وناهين عليهن)!.
من نجوم طلبة المرحلة الثانية الذين كانوا يرافقوننا كان (زهير متّي) الذي كان لديه رصيد كبير من (السكيتشات) الفكاهية, وبرع كثيراً في تقليد الأساتذة, وكان هناك المرحوم (سهيل الجعفري) الذي كان رصيده الأكبر عدد من الأغاني القديمة خفيفة الظل وتريح النفس. وفي السنتين الأوليتين من التحاقي بالكلية كان معدل السفرات هو ثلاث بالسنة, جميعها بالمشاركة مع طلبة وطالبات المرحلة الثانية, إذ أسهم طلبة المرحلة الثانية بتدريبنا على كيفية إنجاح السفرة وجعلها ممتعة وناجحة!.
    أول سفرة لي لبست فيها (عرقجين وشماغ) وبنطلون جينز (في وقتها كنا نسميه كاوبوي) وحذاء رياضة, وذهبت إلى السفرة حيث وجدتُ صديقيّ (فريد كاظم) و(مازن خضير) قد سبقاني في لبس العرقجين والشماغ! أما (سالم داود) فقد جاء (بالعقال والغترة)!.فعاليات السفرة تبدأ بالمشي لمسافة لحين الاتفاق على اختيار موقع مناسب في البساتين, ثم افتراش الحصران على الأرض وبعدها الجلوس لتناول (الدولمة والبرياني و الكبّة) وبقية ما جلبناه معنا من طعام .. ثم تبدأ مسابقات مثل جر الحبل بين البنات والبنين (وطبعاً كنا نغشش البنات و نجعلهن يفزن)! ولعبة المحيبس, وبعدها تبدأ الفعاليات الترفيهية من غناء وتقليد الأساتذة والفواصل المضحكة.
كانت سفرات رائعة, وبدأت تتكشف لنا مواهب العديد من شبابنا الواعد المتطلع إلى المجد والشهرة… فضلاً عن نيل اعجاب البنات طبعاً!
توالت السفرات فيما بعد منها سفرات في نهر دجلة في أحد اليخوت الفخمة والأنيقة والذي يجوب نهر دجلة نهاراً كاملاً وتكون الفعاليات الفنية والترفيهية داخل اليخت.
وفي السنين التي تلتها وجدنا متعة أكثر في الذهاب والمشاركة في سفرات تضم الذكور فقطـ لا ندعو فيها الفتيات! فقد وجدنا أن مجئ البنات معنا في السفرة قد يكون ممتعاً من ناحية.. ويضيف لها جواً عائلياً جميلاً, ولكنه معوّق لانطلاقاتنا من نواح اخرى!. (تلك هي الإسفاف والبذاءة والأغاني الفاحشة)! إحدى هذه السفرات التي كانت للرجـال فقطـ كانت الى (أم الخنازير).
أم الخنازير جزيرة في نهر دجلة في بغداد تغير اسمها فيما بعد إلى (جزيرة الاعراس) إذ أنّ الكثير من الشباب كانوا يتحرجون تماماً عندما تكون هناك فتيات, أما إن كان الفتيان يختلون لوحدهم فانهم يبرزون مواهبهم (الدفينة و المكبوتة)!, من رقص شرقي لا يضاهيه رقص المحترفات امثال (نجوى فؤاد) أو (سامية جمال) (لم تكن هناك فيفي عبده أو دينا أو ملايين في زماننا) ولا نريد أن نتطرق إلى الأغاني الفاحشة التي تحتوي كلَّ المفردات التي لاتجد لها اثراً في قواميس البذاءة العربية والأجنبية!..
    وعلى ذكر الأغاني السيئة الصيت فقد برع بعض الاخوان في غناء بعض الأغاني التي تحتوي على معانٍ وكلمات في منتهى الفحش, وكنا دوماً نجلس في المقعد الأخير من الحافلة المنطلقة بنا إلى السفرة. كمجموعة ممن يمكن تسميتهم ب(المشاغبين)!. وكنا نغنيها حتى عندما تكون السفرة مختلطة ولكن بكل أدب وبتحفظ وحذر شديد!. إذ كل الذي كنا نفعله ترجيج تلك الألفاظ همساً ولا يسمعها سوانا!. ثم نرفع اصواتنا ونكمل الأغنية مرددين الالفاظ والعبارات المسموح بها اجتماعياً من دون رقيب! ولنا ان نتخيل المشهد المضحك لمن يسمع الاغنية! ففجأة ينطلق الجميع منا بالغناء بأعلى صوتهم بعبارة معينة ثم تجدهم يخفتون اصواتهم سوية بحيث تلتقي رؤوسهم سوية (كلاعبي كرة القدم الأمريكية عندما يتهيأون للهجوم) فنهمس بالكلمات المحظورة التي لا يسمعها سوانا!, ثم فجأة تفترق الرؤوس وتعود حناجرنا تغرد بالغناء بصوت عالٍ مرة أخرى! وهكذا تستمر الأغنية! وطبعا لا أزال أذكر الكثير من تلك الأغاني.. فبالنسبة لنا هي جزء من تاريخنا! ولكن مراعاة لمشاعر وأحاسيس القرّاء الكرام, ولبذاءة وفحش تلك الالفاظ, فسوف امتنع عن كتابتها!.
    أحد الزملاء جلب معه دفتراً كاملاً تضم هذه الأغاني. كان الدفتر يعود لأخيه الذي يسبقنا بثلاث سنوات في كليتنا (كلية الطب). والعجيب أنه يمتلك دفتراً كاملاً من الاغاني التي يندى لسماعها الجبين! و يتوارثونها من جيلٍ لآخر! كما لو كانت إرثاً حضارياً عزيزاً!.
المهم اننا كنا نظن و(لحد الآن لست أدري) أنّ زميلاتنا لم ينتبهن إلى فحوى تلك الأغاني التي تخفت تارة همساً وترتفع تارة أخرى بالصياح بصوت عالٍ و بوتيرة منتظمة! ولكني الآن على يقين أن الأمر لا يمكن أن يكون قد مرّ من دون أن يلاحظن شيئا مريباً في تلك الفعالية!. وطبعاً هذا لا يمكن أن يكسب مجموعتنا الغنائية الجالسة في آخر الحافلة أي سمعة طيبة, عدا كونها مجموعة مـن (الهتلية)! ولكن في تلك المرحلة من عمرنا كان الأفضل لك أن تكون (مشاغباً) وتستمتع بوقتك أجمل الاستمتاع وسعادة ما بعدها سعادة!, على أن تكون حجارةً صامتةً, لا تنفع ولا تضر كما كان -للأسف- حال بعض الزملاء الذين لا أُريد ذكر أسمائهم.
بمرور السنين تطورت مهارات بعض الزملاء من دورتنا, و صاروا ينافسون الطلاب من المراحل الأخرى بقدرتهم على أداء (الاسكتشات) الفكاهية والقدرة على خلق المواقف المضحكة, وبرع فيهم كثيراً الزميلان (فيصل العاني) و(يسار الشماع), وصار لا يمكن الاستغناء نهائياً عنهما في أيّة سفرة من السفرات, لمقدرتهما الفنية الهائلة على تقليد الأساتذة بشكل يجعلك تستلقي على ظهرك من شدّة الضحك!. كان (فيصل العاني) بارعاً جداً بتقليد الأساتذة!؟ وأمّا (يسار الشماع) فكان اختصاصه عمل السكيتشات وإعداد المقاطع المضحكة, وكانت المقاطع المفضلة لدى الجميع هي (الحمار العاشق!) و(الراعي وقطيع الأغنام) و(الشخص المصاب بالإسهال)!.
لم يكتف طلبة المرحلة الثانية بـ (زهير متي) و( سهيل الجعفري) واللذان كانا نجمين بلا منازع, يحملان المواهب الكثيرة, فقد استضافوا (فوزي الساعدي) وهو من المرحلة الثالثة, وهو رهييييييييييييب. (ملاحظة: انقطعت أخباره وكم أتمنى لو يسعفني أحد بمعلومات عنه)..
(فوزي الساعدي) يغني بصوت عذب (أبوذيات ومحمداوي و شطراوي ومقامات وعتابة.. ريفي.. اغانٍ حديثة.... قديمة)!.. هو موسوعة للاغاني العراقية والفن العراقي والعربي والأجنبي!. أي أغانٍ تريد تجدها عنده تحت الطلب! كذلك فهو صاحب اسكتشات جاهزة هزلية.
(فوزي الساعدي) هو الوحيد الذي تمكن من عمل ابوذية كاملة باللغة الانكليزية! لم أحفظها كلها ولكنها تبدأ هكذا:
SO MUCH ….SO MUCH
YOU LOVE ME LITTLE, I LOVE YOU SO MUCH
WHY YOUR HEART IS CRUEL SO MUCH?
(وأتمنى ممن يتذكرها أن يسعفني بتتمتها لأنها الآن ناقصة البيت الثالث (القفل))!..
وهو أيضاً بطل بلا منازع.. في الأغاني المصرية! كذلك تحريف أسماء المغنين والممثلين الأجانب ليثبت أنهم جاءوا من العمارة أو من الناصرية! ... (صوفيا لورين) هي بالأصل عراقية اسمها (صفية لوري!) و(مايكل جاكسون) هو (مجبل) من مدينة (جصّان) و (ألفيس بريسلي) فيما يبدو قد ترعرع في قرية قرب الناصرية!.. كذلك قسم من مغني الريف المشهورين ( آنذاك) قام بترجمة اسمائهم الى الانكليزية كي يصلوا إلى العالمية, فها هو:
عبد الواحد جمعة Slave One Friday
وجواد واديHorse Valey ..
وداخل حسن Inside Nice
أيه يا (فوزي الساعدي) كم كنت ممتعاً ورائعاً, ياحبذا لو أعلم أين انت الآن؟
وفي تعقيب وصلني لاحقاً من الزميل الاستاذ الدكتور عبدالرضا العباسي:
كان (فوزي خلف الساعدي) أكثر من رائع في الغناء الريفي والشعر الملمع بالإنكليزية ومنها:
IF YOU LOVE ME LITTLE, MY LOVE IS SO MUCH
SEVERE IS YOUR HEART BUT MY HEART NO SUCH
EVERY NERVE IN MY HEART, EVERY BRANCH
كطّعته......و شمتيت إعداي بيّه!!

وكذلك الأغنية التالية:
يحب بنية MEDICAL STUDENT
لا ARTERY......ولا NERVE...خلّت بيه
حجي بحجي TELL HER
ماكو داعي للبجي (للبكاء)
افشخها بال …FEMUR؟ لو خطيّة؟
وطبعا بتمثيل الاغنية بالمهرجان يطلعون وراه فد خمسة (جحنتية) شايلين عظم الفخذ ويتوعدون هاي البنية القاسية القلب.
استمر يا (أبا السوم) ولنا عودة ونحن نتأسى (بجميل بثينة) بقوله:
الا ليت أيّام الصفاء جديد
ودهراً تولى يابثين يعود
وتقبل تحيات.... اخيك ابو رشا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

4-2 بكرين و صدّامين وأربع قصص حزينة

2-16 دار اطباء مستشفى الكرامة

2-3 فوندو-سكوب