15 - إتفاقية الجزائر
هذه المدونة تحكي عن فترة خدمتي الالزامية في الجيش (1974-1976) حيث تم منحي رتبة ملازم مجند احتياط في الحرب التي دارت في شمال العراق بين الجيش العراقي من جهة وبين المقاتلين الذين كانت تسميتهم الرسمية (العصاة) (المتمردين الاكراد) وتساندهم القوات الايرانية.
ملحق 1 للمقال
(إتفاقية الجزائر) هي اتفاقية وقعت بين العراق وإيران في 6 آذار/مارس عام
1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك (صدام حسين) وشاه إيران (محمد رضا بهلوي)
وبإشراف رئيس الجزائر آنذاك (هواري بومدين).
شكّلت حدود العراق مع إيران أحد المسائل التي تسببت في
إثارة الكثير من النزاعات في تاريخ العراق. في عام 1937 عندما كان العراق تحت
سيطرة بريطانيا تم توقيع اتفاقية تعتبر أن نقطة معينة في شط العرب غير خط القعر هي
الحدود البحرية بين العراق وإيران, لكن الحكومات المتلاحقة في إيران رفضت هذا
الترسيم الحدودي واعتبرته "صنيعة امبريالية", واعتبرت إيران نقطة خط
القعر في شط العرب التي كان متفقا عليه عام 1913 بين (إيران والعثمانيين) بمثابة
الحدود الرسمية ونقطة خط القعر هي النقطة التي يكون الشط فيها بأشد حالات انحداره.
في عام 1969 أبلغ العراق الحكومة الإيرانية أن شط العرب كاملة هي مياه عراقية ولم
تعترف بفكرة خط القعر .
في عام 1975 ولغرض إخماد الصراع المسلح للأكراد بقيادة
(مصطفى البارزاني) الذي كان يُدعم من شاه إيران محمد رضا بهلوي قام العراق بتوقيع
اتفاقية الجزائر مع إيران وتم الإتفاق على نقطة خط القعر كحدود بين الدولتين ولكن
صدام حسين ألغى هذه الأتفاقية عام 1980 بعد سقوط حكم الشاه ووصول الخميني إلى
الحكم، الأمر الذي أشعل حرب الخليج الأولى.)
(المصدر:الويكيبيديا أتفاقية الجزائر )
التعقيب التالي وصلني من زميلي في تلك الجبهة.. الدكتور (حارث بلال):
في بداية الشهر
الثالث سنة ١٩٧٥ بينما كنت جالسا في سيارة أجرة وعائدا إلى وحدتي العسكرية الفوج
الثاني اللواء الثالث الملقب (البطل) الفرقة الثامنة في خط الجبهة حملت قلقا
كبيرا ومتسائلا : هل هذه المرة هل سأعيش
لأرجع إلى بيتي في اجازة أو لا.
في تلك الاثناء اخرج الراكب الجالس بجانبي جريدة ليقرأها.. وكان
العنوان الرئيسي في الجريدة (إيقاف زحف قواتنا بالشمال). فرحت فرحا كبيرا ورجعت
البهجة لي.. يا ألله ماهذه الاخبار السعيدة.
عند رجوعي إلى الفوج بالسيارة العسكرية
التابعة للفوج ارجعوني إلى غير مكان ملجأي. نزلت من السيارة وتمشيت الى المكان
الجديد لمواضع فوجنا.. وكان المكان غارقاً بالاوحال بسبب الامطار الغزيرة ووجدت
قدماي تغوصان في حفرة مليئة بالطين. بقربي رأيت غرفة مكونة من صفائح معدنية (
جنكو). سمعت من خلالها أصوات عدد كبير من الرجال أكثر من قابلية حجم الغرفة!!. دفعني
الفضول الى الاقتراب من تلك الغرفة وطفت حولها.. والغريب انني بحثت عن باب
لتلك الغرفة ولم أجده. سألت احد الجنود عن
هذه الغرفة الغريبة. اجابني "هذولة جنود هاربين" .
سألته "وكيف
دخلوا الغرفة هذه"؟
اجابني: "بعد
إكمال الجدران, اخذوا الجنود وبأمر الأمر برمي الجنود الهاربين
من فوق الجدران ثم وضعوا السقف فوقهم!".
سألت مفرزتي الطبية على ماذا حدث في غيابي
فوصفوا لي الأحداث كالاتي: حال وصول (السيد النائب صدام حسين) للقاء (شاه ايران)
في وساطة رئيس الجزائر (هواري بومدين), وردت اوامر إلى الجيش العراقي من قيادته بالقيام
بأطلاق كثيف لجميع القذائف المدفعية وغيرها باتجاه جيش (شاه إيران) و(العصاة). وان
يتقدم الجيش إلى أبعد نقطة يستطيع الوصول اليها, كي يمسك اكبر مساحة ممكنة من الأرض, لأنه توجد مفاوضات بين العراق و ايران,
وربما سوف تتضمن الاتفاقية بأن يحتفظ كل جيش من المحاربين بالأرض التي يمسكها.
ويبدو أن نفس الأوامر قد صدرت من (شاه ايران) لجيشه بإطلاق كل القنابل والذخائر
الموجودة وبقوة نارية هائلة, والتقدم لمسك اكبر مساحة أرض ممكنة.
نتيجة لذلك تحولت الجبهة إلى جحيم ومجزرة بمعنى الكلمة.. لحين تم الإعلان
عن وقف إطلاق النار بالنظر للتوصل الى اتفاق بين العراق وشاه ايران.
في هذه المعركة الأخيرة تقدم الفوج وفي مقدمتهم أمر الفوج (محمد جدوع) رغم القصف الشديد والخسائر في ألارواح, ألا إن الذعر والخوف أدى الى تقهقر بعض الجنود وتركهم لمواضعهم بسبب شدة القصف والمعارك,. بعدها عاقبهم الأمر بسجنهم في تلك الغرفة الغريبة التي هي بدون باب!.
عند وقف إطلاق النار انسحبت مدفعية شاه
ايران من شمال العراق. قام (العصاة) بمحاولة أخيرة للإستيلاء على المدافع والأسلحة
الإيرانية, لكن الجنود الايرانيين أطلقوا النار عليهم.. وأكملوا انسحابهم الى
الحدود الدولية.
في هذه المعركة
الأخيرة تقدم الفوج وفي مقدمتهم أمر الفوج (محمد جدوع) رغم القصف الشديد والخسائر
في ألارواح, ألا إن الذعر والخوف أدى الى تقهقر بعض الجنود وتركهم لمواضعهم بسبب شدة
القصف والمعارك,. بعدها عاقبهم الأمر بسجنهم في تلك الغرفة الغريبة التي هي بدون
باب!.
عند وقف إطلاق النار انسحبت مدفعية شاه
ايران من شمال العراق. قام (العصاة) بمحاولة أخيرة للإستيلاء على المدافع والأسلحة
الإيرانية, لكن الجنود الايرانيين أطلقوا النار عليهم.. وأكملوا انسحابهم الى
الحدود الدولية.
التعقيب التالي وصلني من الزميل ا د عبدالرضا العباسي
هذا السرد الحزين لحقبة دموية من تاريخنا الحزين توضح مدى المهزلة التي كنا نعيشها في الحرب الاهلية في الشمال، وما سرعة انهيار العصاة واستسلامهم الا تأكيداً بانهم اداة لارادات كبيرة ودول استعمارية- وليست قضية وطنية كما يدعي امراء الحروب- لاشعال الحرب بين ابناء بلد بامكانهم ان يتعايشوا فيه بسلام لو كان هناك ساسة حكماء ورجال وطن اذكياء!
كنت في السادس من اذار عام ١٩٧٥ في قوة سر قلعة من سلسلة قره داغ، ولم نكن نعلم شيئاً لاعن الجزائر ولا عن اية اتفاقية حيث تطالنا الهاونات ليلياً ولا ننام الا عندما تهدأ، ولكن في ظهيرة اليوم وبعد معالجتي لعدد من الجنود المرضى، واذا برتل طويل من المسلحين العصاة قد نزلوا الينا من الجبل، وكان امر القوة وبعض الضباط في استقبالهم، وقد عقد لساني وانا اتوقع هجوما مباغتاً سيكتسحنا، وبدأ هؤلاء الرجال بتسليم اسلحتهم من بنادق البرنو والرشاشات حتى صارت اكداساً، وهم يحكون لنا عن الامهم ومعاناتهم حيث ساروا مسافة طويلة جداً للوصول الينا؛ قال لنا آمر القوة بأن الحرب انتهت، وان صدام حلها مع شاه ايران، والملا قد هرب خارج العراق!!!؛
ترى لماذا تقاتلنا طيلة هذه السنوات، وعن اية اهداف؟ ولماذا خسائرنا الباهضة للطرفين قبل هذا التاريخ وما تلاه؟ ولماذا كانت اتفاقية الجزائر المبهمة- لم تنشر ولم يطلع عليها الشعب-، وكيف تم الغاؤها ثم العودة اليها بعد ان سالت الدماء فوق الركب، ودمر البلد واقتصاده ومستقبله؟ وانا اكتب تعليقي هذا انظر الى دويلات العربان الان تتهافت نحو اقدام نتانياهو للتطبيع؛ لماذا اذاً خضنا اربعة حروب ضد اسرائيل، وقد خسرنا اغلبها؟ حقاً انه عصر اسرائيل ونهاية العرب؛ وهل سيبقى العراق في هذا الموج العارم، يبقى لتنظيف احذية الغزاة والطامعين من كل الاشكال والانواع؟ شبعنا قتالاً وموتاً وخراباً للدفاع عن الوطن الذي جعله السياسيون سلعة يتاجرون بها في سوق الخردة.
يقال ان الحرب تقع بين اناس يموتون في الحرب وهم لايعرف بعضهم بعضا من اجل سياسيين يعرف بعضهم بعضاً لكنهم لايقاتلون ولا يموتون
اخي العزيز دسامي اسلوبك الشيق يجعلنا نحس وكاننا نشاهد فلم حربي وثائقي كالذي نشاهده في قناة الجزيره الوثائقيه وليس مجرد مذكرات مره اخرى اهنئك على اسلوبك الجميل والمشوق في الكتابه
ردحذف